الرئيس المصري ووزير دفاعه باعا للروانديين أسلحة مقابل أموال حُوّلت إلى بنوك فرنسا
الصفقات تمت خلال الحرب الأهلية في رواندا وشاركت فيها فرنسا، مصر وإسرائيل
تكشف ''النهار '' تفاصيل مثيرة عن جانب جديد من قضية الثروة المالية للرئيس المصري حسني مبارك، بعد فضيحة تحويل كميات ضخمة من البلاتينيوم إلى سويسرا تقدر قيمتها بقرابة 16 مليار دولار. ونتطرق اليوم، إلى بعض أسرار ملف صفقات السلاح التي كان يبرمها حسني مبارك بمساعدة وزير دفاعه المشير محمد حسين طنطاوي، مثلما تبينه وثائق سرية للمخابرات الأمريكية، إلى جانب وثائق سرية أخرى مصدرها هيئات أممية والمحكمة الدولية لجرائم الحرب.
بتاريخ 11 جانفي 1994، وبينما كانت الحرب الأهلية على أوجّها في رواندا بين قبيلتي التوتسي والهوتو، وجّه السفير الرواندي في القاهرة رسالة لوزير الدفاع المصري المشير محمد حسين طنطاوي، يطلب فيها منه التحضير لاستقبال وفد عسكري من رواندا، يضمن كلا من العقيد غراتيان كابيليجي، والمقدم سيبريان كايومبا، مدير المالية بوزارة الدفاع الرواندية، مضيفا أن الزيارة ستمتد من 24 إلى غاية 29 جانفي من نفس العام.
المثير في مراسلة السفير الرواندي هو أنها كانت موجهة لوزير الدفاع المصري محمد حسين طنطاوي عبر مسؤول في وزارة الدفاع المصرية وهو الجنرال سامي سيد، بصفته المسؤول عن دائرة العلاقات مع الدول الصديقة، بدلا من اتباع الأعراف الدبلوماسية والمرور عبر وزارة الخارجية المصرية.
وجاء في الوثيقة إشارة إلى مراسلة سابقة وجّهتها مصالح وزارة الدفاع المصرية تعبّر للمسؤولين في الحكومة الرواندية عن قبولها بيع أسلحة للجيش الرواندي، في وقت كانت الأمم المتحدة تفرض حظرا شاملا على بيع السلاح لرواندا، خلال فترة الحرب الأهلية والمجازر الجماعية التي ارتكبها بشكل متبادل الجيش الرواندي ''قبيلة الهوتو'' وحركات التمرد ''قبيلة التوتسي''.
وتكشف وثيقة أخرى، توجيه المحكمة الدولية الخاصة بجرائم الحرب في رواندا، أصابع الاتهام للنظام المصريين، حيث تبين مراسلة للسفارة المصرية بالعاصمة الرواندية كيغالي، وجهتها للمحكمة الجنائية الدولية، ردا على استفسارات هذه الأخيرة بشأن الرحلات التي كان يقوم بها مسؤولون عسكريون روانديون للقاهرة في إطار صفقات لشراء أسلحة من النظام المصري.
وجاء في رسالة السفير المصري، جمال شاهين، أنه لا يعلم على الإطلاق وجود رحلات للعقيد غراتيان كابيليجي نحو مصر، طالبا مهلة للتشاور مع مسؤوليه في القاهرة للرد على الأسئلة الموجهة إليه.كما تكشف ''النهار'' عن مضمون وثيقة سرية أخرى للجنة تحقيق شكلها البرلمان الفرنسي للتقصي في ضلوع النظام الفرنسي ومسؤولين مصريين في بيع أسلحة ونقلها إلى رواندا، حيث تظهر الوثيقة أن عمليات تحويل مالية بمبالغ ضخمة تمت من القاهرة نحو بنك ''كريدي ليوني'' في فرنسا، لتتم مساءلة مسؤولي البنك من طرف لجنة التحقيق البرلمانية حول الموضوع، غير أنهم رفضوا الكشف عن مضامين صفقات الأسلحة والتحويلات المالية حفاظا على ''سرية المعلومات المتعلقة بأصحاب الحسابات البنكية''.
وفي وثائق أخرى، للمخابرات الأمريكية، مؤرخة في 14 مارس 1994، تكشف مصالح السفارة الأمريكية بالعاصمة الرواندية، عن ضلوع مصر في إبرام صفقات تسليح للجيش الرواندي المتهم بارتكاب جرائم حرب، حيث تقول الوثيقة السرية أنه بعد الضغط على فرنسا وألمانيا وبلجيكا لاحترام قرار الأمم المتحدة القاضي بحظر بيع الأسلحة لرواندا، لجأت هذه الأخيرة إلى مصر وإسرائيل.
وفي هذا الصدد، توضح وثائق سرية أخرى تحوز ''النهار'' على نسخ منها، أن صفقة واحدة فقط أبرمها نظام حسني مبارك مع الجيش الرواندي لتزويده بالأسلحة بتاريخ 30 مارس 1992 بلغت 6 ملايين دولار.
وتوضح الوثيقة أن صفقة مارس 92 شملت بيع 50 مدفع مورتر عيار 60 ميلمتر، 20 مدفع مورتر عيار 82 مليمتر، ألف قذيفة مورتر، 3 آلاف قذيفة مرتر عيار 120 مليمتر، ألفي قاذفة صواريخ أر بي جي مرفقة بالذخيرة، ألفي رشاش مات 79، مائتي كيلوغرام من المتفجرات البلاستيكية شديدة المفعول، و450 رشاش كلاشينكوف من صنع مصري مرفوقة بـ3 آلاف خرطوشة.