شهدت رابع جلسات محاكمة وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي و6 آخرين من كبار القيادات الأمنية السابقين والحاليين أمام محكمة جنايات القاهرة في ضاحية التجمع الخامس في قضية اتهامهم بقتل المتظاهرين خلال «ثورة 25 يناير» وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها تطورا مثيرا ولافتا، حيث قررت المحكمة التنحي عن نظر القضية وضمها إلى القضية التي ستشهد محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك في جلسة الثالث من أغسطس المقبل، مبررة إقدامها على هذه الخطوة باعتبار أن الاتهامات في القضيتين العادلي ومبارك متماثلة وأدلة الثبوت فيهما واحدة.
وبهذا القرار تعود القضية التي استمرت 4 جلسات فقط إلى المربع صفر، حيث ستنظر من بدايتها بعد ضم أوراقها مع القضية المتهم فيها مبارك ونجله: علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم، في قضية واحدة في جلسة الثالث من أغسطس المقبل أمام دائرة محكمة جنايات القاهرة التي ستباشر محاكمة مبارك، ليصل إجمالي أوراق ومستندات القضيتين إلى قرابة 30 ألف ورقة، في ضوء أن ملف قضية العادلي ورفاقه يقترب من 10 آلاف صفحة، فيما يجاوز ملف قضية محاكمة مبارك 20 ألف ورقة ومستند نظرا لتعدد لائحة الاتهامات فيها.
ويواجه مبارك الذي سيحاكم في الثالث من أغسطس، لائحة متعددة من الاتهامات تتعلق بإصدار أوامره للعادلي بإطلاق الذخيرة الحية صوب المتظاهرين السلميين في مختلف أنحاء مصر والتحريض على قتلهم بغية فض التظاهرات المناوئة له بالقوة علاوة على اتهامات أخرى تتعلق بارتكاب وقائع فساد مالي وسياسي وعدوان على المال العام والإضرار المتعمد به.
وعرضت المحكمة في جلسة محاكمة العادلي، أمس، في كلمة مقتضبة لها على المنصة وقائع القضية، حيث اكدت ان «القضية الماثلة نظرت في جلستها الأولى في 26 أبريل الماضي، وفيها تمت تلاوة أمر لإحالة قرار الاتهام ومواجهة كل المتهمين السبعة بالتهم الموجهة إليهم وإثبات حضور من حضر من المدعين بالحق المدني ووكلاء من لم يحضر منهم، وفيها تم تأجيل القضية إلى جلسة 21 مايو الماضي، بناء على طلب دفاع المدعين بالحق المدني والمتهمين للاطلاع على التحقيقات وفض الأحراز للاطلاع عليها».
وأضافت انه «بتلك الجلسة 21 مايو حدث إخلال أمني داخل قاعة المحكمة وخارجها ما استوجب على المحكمة - إعمالا لقرار محكمة استئناف القاهرة - تأجيل نظر القضية إلى جلسة 26 يونيو الماضي». وأكدت أنه حرصا منها على سرعة الفصل فى القضية المطروحة ومع تمسكها بالفصل في طلبي رد المحكمة «التنحية» المقدمين أمام الدائرة المختصة لنظرهما، فإنها تصدر قرارها وفق أحكام القانون بإرسال القضية إلى الدائرة الخامسة الجنائية بمحكمة جنايات شمال القاهرة لضمها لتلك القضية الخاصة بمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك للارتباط قانونا وليصدر فيهما حكم واحد.
وكانت المحكمة سمحت للمرة الأولى بتصوير العادلي ومساعديه المتهمين داخل قفص الاتهام بعد قرار المجلس الأعلى للقضاء بالسماح بنقل وقائع جلسات محاكمات رموز النظام السابق في قضايا قتل الثوار والعدوان على المال العام.
وشهدت الجلسة أحداثا مثيرة وفوضى عارمة تسببت في إرجاء اعتلاء هيئة المحكمة برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة للمنصة قرابة الساعة، تمثلت في مشادات واشتباكات عنيفة بين قوات الأمن من الجيش والشرطة المنوط بها تأمين المحكمة وحفظ النظام بها من جهة، وأسر الشهداء والمصابين من جهة أخرى، في ضوء التسابق على أولوية الدخول إلى قاعة المحكمة.
وتعالت في بداية الجلسة التي لم تستغرق أكثر من 10 دقائق، أصوات المحامين الحاضرين كمدعين بالحقوق المدنية «التعويضات» ضد العادلي والقيادات الأمنية، تساندهم مجموعة من الحضور من أسر القتلى والمصابين في الثورة، مطالبين بتمكينهم من رؤية المتهمين داخل قفص الاتهام، فما كان من رئيس المحكمة إلا أن طلب من طاقم الحراسة المتواجد أمام القفص الابتعاد، وقام بالمناداة على كل متهم على حدة للتأكد من وجوده بالقفص، طالبا منهم التقدم إلى مقدمة القفص حتى يتسنى للمحكمة رؤيتهم.
في المقابل، بدأت النيابة العسكرية، امس، تحقيقا مع رئيس الوزراء المصري السابق احمد نظيف، للمرة الاولى التي يتولى فيها القضاء العسكري قضية تتعلق بالفساد منذ اطاحة مبارك في 11 فبراير الماضي.
وقال مصدر في النيابة العسكرية انها «تجري الآن تحقيقا مع نظيف في قضية الاستيلاء على اراضي الدولة والاضرار العمد بالمال العام» المتهم فيها رئيس الوزراء السابق ومحافظ الاقصر السابق سمير فرج ورجل الاعمال ممدوح فيليب.
وكانت النيابة العامة حولت القضية إلى النيابة العسكرية لان سمير فرج احد المتهمين فيها لواء سابق في القوات المسلحة ما يستلزم محاكمته امام القضاء العسكري.
من ناحيته، أعلن محامي أسر الشهداء والمصابين في حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية جوزيف ملاك عن بدء إجراءات مقاضاة وزيري العدل والداخلية لتأخرهما في إجراء التحقيق في القضية والكشف عن المتهمين، حيث توقفت التحقيقات في القضية بعد قيام «ثورة 25 يناير، «وإننا لن نلجأ للاعتصام بل سنلجأ للقضاء»